تدشين ⁧‫#الموسوعة_التاريخية_العُمانية‬⁩ المصورة "عُمان منذ الأزل.. سجل تاريخي مصور" التي تضم أربعة أجزاء من القطع الكبير و تُعيد توثيق التاريخ العُماني منذ أكثر من 7 آلاف عام

فن وثقافة

الآن - وكالات 811 مشاهدات 0


تم اليوم بالمتحف الوطني تدشين الموسوعة التاريخية العُمانية المصورة "عُمان منذ الأزل.. سجل تاريخي مصور" التي تضم أربعة أجزاء من القطع الكبير و تُعيد توثيق التاريخ العُماني منذ أكثر من 7 آلاف عام.

جاء إعداد الموسوعة بتوجيهات سامية من المغفور له بإذن الله تعالى، السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- وأشرف عليها محمد بن
الزبير بن علي مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي المتقاعد، ويُعد المتحف الوطني أحد الداعمين والمساهمين الرئيسيين في
تنفيذ المشروع بالإضافة إلى جهات أخرى.

وجرى حفل التدشين تحت رعاية معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة، ورئيس مجلس أمناء المتحف الوطني، وبحضور عدد من
أصحاب المعالي والسعادة والمهتمين.

ويقول محمد بن الزبير في مقدمة موسوعة "عُمان منذ الأزل.. سجل
تاريخي مصور"، عن رحلة تأليفها "في أكثر من لقاء جمعني بالمغفور له بإذن الله، كان جلالته يتحدث عن موضوع التاريخ العُماني وضرورة تنقيته
من الشوائب، كان يحثنا دائماً على أن نبدأ في هذا المسار، حينها بدأت هذه الرحلة عبر وضع دراسة شاملة لإمكانية تأليف هذه الموسوعة، حيث جاءت
نتائج الدراسة التي قمنا بها، لتشير إلى ضرورة وضع سجل مصور لهذا التاريخ بحيث تقطع الشك باليقين وتنقل الحقيقة بواقعية وصدق، وكان
التحدي الأول الحصول على الصور المناسبة التي تغطي تلك المرحلة الزمنية الهائلة، ولذلك اعتمدنا على الآثار واللقى والنقوش القديمة التي تم
العثور عليها في مختلف أرجاء السلطنة، إلى جانب المعالم التاريخية التي عملنا على دراستها وتوثيقها بالصورة، كما قامت اللجنة العلمية المساعدة بوضع قائمة دقيقة بكتابات المؤرخين الثقات وزوار عُمان الذين تركوا رواياتهم عن تاريخ هذه المنطقة، حيث تم جمع هذه الكتابات وتدقيقها وتوثيقها والأخذ منها ما يمكن اعتباره واقعاً بعيداً عن الخيال أو التهويل، ليتم وضع تلك المعلومات في صيغة رسوم بيانية بتقنية "الإنفوجرافك" بحيث يسهل على القارئ الوصول إلى المعلومة بأقل عدد من الكلمات".

وأضاف إن "الشكل الذي أتت عليه الموسوعة في النهاية، يمكن اعتباره أسلوباً محدثاً في عرض المحتوى، يمزج ما بين السردية القصصية والتسلسل الزمني، وما بين الصورة والشعر والألوان، معتمداً على الصور الضوئية والأشكال الفنية التوضيحية المستندة إلى الأدلة العلمية واللُقى
الأثرية، مع أقل قدر ممكن من النصوص أو التعليقات، لتفادي أية أحكام مسبقة أو جمل إيحائية، وبما يتيح المجال لخيال القارئ أن يحلّق في
فضاءات لربما لم يعرفها أو يدركها من قبل عن الإنسان في عُمان، وليستطيع من خلالها أن يتصور عظمة التاريخ العُماني وتفرد التجربة العُمانية، وأن يسبر أغوار الممكن والمستحيل ليحافظ على هذه العظمة وهذا التفرد، بأشكال وأنماط من التفاعل والوجدان التي تتناسب مع المستقبل".

وتأتي أجزاء الموسوعة الأربعة لتسرد الحكاية العُمانية وفق تسلسل زمني
دقيق، حيث يتضمن الجزء الأول صوراً تحكي قصة عُمان منذ الزمن السحيق إلى ما قبل دخول أهل عُمان في الإسلام. فمنذ أكثر من ٧٠٠ مليون
عام تشكلت أرض عُمان، مكونة تركيبة جيولوجية فريدة، وفي الوقت ذاته عملت عوامل التعرية المختلفة على تشكيل هذا السطح مكونة ظواهر
طبيعية متنوعة أثْرت في تنوع المناخ والثروات الطبيعية والأنشطة الإنسانية البدائية، لِتَتْبعها الأنشطة الصناعية والتجارية والملاحية، التي
تطورت عبر الحقب التاريخية، بما صاحبها من تطور فكري وثقافي وعمراني، تولد من المكان والعلاقات المتبادلة السلمية والحربية.

أما الجزء الثاني من الموسوعة فيغطي الفترة الزمنية الممتدة من دخول أهل
عُمان في الإسلام حوالي ٦٢٩–٦٣٠م إلى ما قبل تولي السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- مقاليد الحكم في العام ١٩٧٠م، حيث تحكي
المخطوطات والصور إسهامات الإنسان العُماني الحضارية والتاريخية في مجالات شتى، كالأدب واللغة والفقه، والطب، والمعمار، والعلوم، والفنون،
والملاحة، والتجارة وغيرها، لتنتهي بمجال الحكم والسياسة، حيث تظهر الأُسر التي حكمت عُمان عبر العصور الإسلامية والحديثة، وصولاً إلى سلاطين دولة البوسعيد وما تركوه من بصمات واضحة في التاريخ العُماني الحديث.

أما الجزآن الثالث والرابع فيتناولان عصر النهضة الحديثة إلى حيـن انتقال السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- إلى الرفيق الأعلى وتولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - مقاليد الحكم في 11 يناير2020م ؛ حيث ينـطلق الجزآن من ٢٣ يوليو ١٩٧٠م لحظة بزوغ فجر النهضة الحديثة، في تسلسل موضوعي يتناول التنمية الإنسانية كامتداد للتطور الإنساني والحضاري على هذه الأرض، فتحكي قصص الإنجازات العُمانية على جميع المستويات التنموية، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والعلاقات الدولية المتميزة، كما تعكس النقلة النوعية التي تحققت لعُمان خلال العقود الخمسة الماضية.

ويختتم محمد بن الزبير المقدمة التي وضعها لهذه الموسوعة بالقول : إنه لشرف كبير أن يترجم هذا العمل ما عبر عنه المغفور له بإذن الله السلطان قابوس في كلمته السامية في جامعة السلطان قابوس عام ٢٠٠٠م بالدعوة إلى البحث والتدقيق لكتابة تاريخ عُمان ، ولعل هذا العمل يكون بداية لأعمال أخرى مماثلة لكتابة التاريخ العُماني بشيء من الواقعية والابتعاد عن التهويل والتحريف، أرجو أن يتاح للشباب العُماني من خلال هذه الموسوعة الاطلاع على لمحات من تاريخهم التليد، والكثير من تاريخهم المعاصر برصد خالٍ من الشوائب، وفي قالب عصري مشوق.

وقال مبارك العريمي مدير مكتب مشروع الموسوعة إن الموسوعة جاءت في 1792 صفحة، وتضم 5188 صورة تم اختيارها وتوثيقها من بين أكثر من 150 ألف صورة تم جمعها من مختلف المصادر، و52 رسما بيانيا بتقنية "الإنفوجرافك" في الأجزاء الأربعة في محاولة لإعادة كتابة التاريخ العُماني بموضوعية بحتة بعيداً عن التهويل وقريباً قدر الإمكان من الواقع المثبت، ليكون الكتاب بمثابة مرجع دقيق للدارسين والباحثين في هذا المجال.

وأضاف العريمي إن القائمين على الموسوعة استلهموا توجيهات السلطان قابوس -رحمه الله- لأبنائه طلبة جامعة السلطان قابوس خلال زيارته التاريخية للجامعة في مايو من عام 2000م، حين فند بكثير من التفصيل التحريف الذي وقع على التاريخ على امتداد العصور الماضية، بحيث أصبحت بعض وقائعه خارجةً عن المعقول، حينها دعا المغفور له بإذن الله تعالى الدارسين والباحثين في التاريخ إلى ألا يأخذوا كل ما كُتب على أنه أمر واقع، ولكن عليهم أن يفكروا في الأمر ويبحثوه ويناقشوه، ويرون ما هو معقول وما هو غير ذلك وبالتالي يمكن تصحيح بعض هذا التاريخ.

وقال معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة، ورئيس مجلس أمناء المتحف الوطني في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إن هذا العمل الموسوعي الوطني الكبير الذي يمثل توافق العديد من المؤسسات والأفراد المتخصصين في المجالات المختلفة ولذلك خرج العمل بهذا الشكل الموسوعي الثري المتكامل الذي لا شك أنه يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للمختصين والمهتمين بقضايا عمان بمختلف تجلياتها التاريخية والجغرافية من حيث التراث البشري والطبيعي "، وأن مكونات الموسوعة تمثل ذاكرة الأمة وذاكرة وطن في عمل استثنائي من حيث المحتوى والإخراج والأبعاد التي ستترتب على هذا العمل الرائد من نوعه.

وأضاف معاليه إن "الموسوعة التي ستنتشر في مختلف أرجاء العالم سيترتب عليها أعمال مختلفة سواء كانت مرئية أم كتابية أم غيرها، حيث إن الموسوعة تحفظ حقوق الأمة بشكل موثق وممنهج، ولذلك هذا الإصدار يمثل إضافة نوعية حقيقية تختلف عن كثير من الأعمال السابقة باعتباره عملًا مؤسسيًا تم بتوافق واشتراك العديد من الجهات التي تفاعلت مع المشروع".

من جانبه قال سعادة جمال بن حسن الموسوي أمين عام المتحف الوطني في كلمته في حفل تدشين الموسوعة إن "هذه الموسوعة المهمة تمثل رصيد عُمان ومادة ثرية لذاكرتها الوطنية، ستشق طريقها إلى المكتبات الرائدة، وتكون مرجعاً فارها للباحثين والدارسين، وكافة المهتمين".

وأضاف سعادته إن الحديث عن تاريخ عمان العريق "كله ماثل في صفحات كتاب عُمان منذ الأزل، وفي ضمائر العُمانيين، ووجدان هذه الأرض السامقة، ومعاقل المجد، الذي سطره أهل الغبيراء في إكليل الزمان، بسموط الجمان ولمعان الإبريز، وعُمان ما زالت تتبوأ مدار الأقمار في ظل العهد الميمون المتجدد لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - .

وأعرب في كلمته عن شكره نيابة عن محمد بن الزبير بن علي مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي المتقاعد لشؤون البلاط السلطاني لجهوده المبذولة دعما وتوجيها، ولكافة المساهمين من وزارة التراث والسياحة، ووزارة التربية والتعليم، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، ووكالة الأنباء العُمانية، وغيرها من الجهات والمؤسسات والهيئات والأفراد، لمساهمتهم المثرية والفعالة في إنجاح هذا الإصدار القيم.

وقال المكرم الدكتور محمد بن حمد الشعيلي عضو مجلس الدولة في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إن "عمان تعد من الدول الغنية في التاريخ والحضارة، ولذلك فإن هذه الإنجازات التاريخية وهذا الإرث الحضاري هو بحاجة إلى إبراز في مختلف الوسائل وبشتى الطرق، ومنذ بدء مسيرة النهضة المباركة بدأنا نلمس هذا الاهتمام وفي كل فترة زمنية منذ عام 1970 وحتى اليوم نشهد الكثير من الفعاليات المرتبطة بإبراز التاريخ العماني وإظهاره للجميع بالمظهر الذي يوحي بقدم حضارة وتاريخ عمان".

وأضاف إن هذا العمل الذي دشن اليوم "يأتي مكملا للجهود السابقة ولكن ما يميزه أنه يعتمد على التاريخ المصور أكثر من التاريخ المكتوب وهذه من
الأمور التي تحسب له لأن الصور دائما تبقى راسخة في ذهن القارئ أو المشاهد بطريقة أقوى، كما أن هذا العمل جاء ليحتوي على الكثير من الأمور الخاصة بتاريخ عمان عبر الفترات الزمنية المختلفة ولم يقتصر على فترة دون أخرى، حيث أعطيت كل فترة حقها وفي مختلف المجالات".

وضمت الموسوعة وثائق وصورا تنشر لأول مرة من بينها رسالة موجهة من السلطان سعيد بن تيمور - رحمه الله – إلى ابنه السلطان الراحل قابوس
بن سعيد - طيب الله ثراه - جاء نصها كالتالي..

 "بسم الله الرحمن الرحيم.. 

ولدي العزيز قابوس بن سعيد بن تيمور حفظه الله تعالي.. السلام عليك
ورحمة الله وبركاته. وبعد فقد سررت بكتابك المحرر في هذا اليوم وبتمنياتك الطيبة لي راجيا لك حسن الصحة والعافية ودوام التوفيق في مستقبلك. وآمل أن تكون والدتك وأختك في صحة وعافية مع سلامي الجزيل
لهما والسلام عليك كما بدأ. 21 رجب 1392. موافق 31 أغسطس 1972.
 وأنا لا أزال والدك الداعي لك بالخير. سعيد بن تيمور".

وقال أحمد بن علي المخيني الباحث في موسوعة عمان منذ الأزل في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إن " الأبجدية العمانية من أبرز الرسوم البيانية التقنية التي تضمنتها الموسوعة وهي توضح تلك الكتابات وعلاقتها مع الأبجديات الأخرى التي كانت سائدة آنذاك وانفوجرافيك آخر يتحدث عن علاقة الفينيقيين ووصولهم إلى مختلف مناطق البحر الأبيض المتوسط.. كما تم إبراز تاريخ أزد عمان الذين وصلوا إلى عمان قبل ألف عام على الأقل من وصول مالك بن فهم، وأيضا إبراز ملوك عمان وأسماء عمان قبل الإسلام ونفوذ أولئك الملوك.

وأضاف إن الموسوعة حاولت إبراز الأسر التي تعاقبت على حكم عمان، وأبرز من حكم منهم وتاريخهم وإنجازاتهم، هناك صور ورسائل تنشر لأول مرة لعدد من سلاطين عمان ومن بينهم السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - خاصة في البعد الشخصي بينه وبين والده، وتم وضع انفوجرافيك عن سلاطين الدولة البوسعيدية بدءًا من السيد سعيد بن سلطان - رحمه الله - وحتى السلطان قابوس بن سعيد - رحمه الله - تتحدث عن أبرز إنجازاتهم وتوضح الترابطية بينهم".

وأوضح أن "الموسوعة ركزت على اللقى التي تم العثور عليها في السلطنة التي لم يتم التركيز عليها سابقا والمتعلقة بالكنوز الأثرية والحضارة العمانية، مع المزج في الموسوعة بين الصورة والشعر والانفوجراف والصورة المموهة والألوان والطوابع لتعطي صورة متكاملة لكل محور وموضوع في تسلسل زمني مثل البيئات الجغرافية وأشهر الصناعات البدائية والعمارة والنقود، وأخذ العمل البحثي فقط لإنجاز الموسوعة فترة لا تقل عن عامين.

من جانبها قالت البروفيسورة أسمهان الجرو أخصائية دراسات تاريخية بمتحف عُمان عبر الزمان إن "الموسوعة تناولت مواضيع لأول مرة من بينها "تاريخ عمان القديم وتحديات الإنسان العماني ووضع بذور التحضر  وزرع الحضارة، وصناعة السفن، وكيف أقام أول تجمعات بشرية بدأت تفكر ليس فقط في الحياة والغذاء، ولكن في مرحلة ما بعد الموت، وهي  الأقدم في منطقة الشرق الأدنى القديم، وهو واضح فيما تم العثور عليه من آثار في منطقة السويح ورأس الحمراء وفي المقابر التي وجدت في المناطق الساحلية من عمان  والتي كشفت لنا كيف كانت حياة ذلك الإنسان".

وأوضحت أن "الموسوعة تقدم تحديات الإنسان العماني وإبداعاته عبر الزمن وكيف أبدع من أدوات بسيطة، والأدوات التي كان يستخدمها، وتواصله مع الحضارات القديمة، مشيرة إلى أن محاولات الإنسان العُماني الأولى وسكان جنوب الجزيرة العربية للملاحة ولدت لديهم المعرفة والخبرة
في علم الأنواء وسر الرياح وذلك قبل الرومان ".

واشتمل حفل تدشين الموسوعة على عرض لأبرز الصور والرسوم البيانية "الانفوجرافيك" التي تضمنتها أجزاؤها، إضافة إلى تقديم فيلم عن أبرز
مراحل إعداد الموسوعة والجهود التي بذلت في إعدادها.

تعليقات

اكتب تعليقك